إسلاميات

وكذلك ننج المومنين

Capture1 وكذلك ننج المومنين
Capture1 وكذلك ننج المومنين

قد يتبادر الى أذهاننا السؤال التالي: لماذا يقص علينا القرءان الكريم قصص السابقين؟ مع أنهم قد ماتو ولم يبق لهم أثر.

والجواب هو ببساطة لأخذ العبرة. والقصة من أفضل أساليب الإقناع على الإطلاق كما قال الدكتور طارق السويدان. هنا أود أن أشير إلى قصة النبي يونس عليه السلام، لأن فيها قانونًا عظيمًا سَنَّه الله تعالى في هذا الكون.
نبينا يونس عليه السلام  تعرض لابتلاء عظيم وهو أنه رمي من على ظهر السفينة في البحر والتقمه الحوت. إذا تأملنا هذ المشهد ، نرى أن الني يونس موجود تحت ظلمات ثلاث، ظلمة الليل وظلمة البحر وكذلك ظلمة فم الحوت، إحتمال النجاة في هذا الحالة هو صفر. نعم صفر، كيف يمكنك أن تتصور نجاة شخص في بطن حوت يزن أكثر من 40 طن تحت أعماق البحر. هنا نبي الله يونس توجه بقلبه إلى الله تعالى لأنه لا منجي إلا الله، وتضرع إليه حتى يفرج عنه، بقوله “أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ “، فاستجاب له ربنا وأنجاه بعد إن كان إحتمال نجاته صفر. يقول تعالى “فَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغَمِّ”، ولكن الآية الكريمة لا تتوقف هنا، فهي تستمر لتقول “وَ كَذَلِكَ نُنَجِّ المُومِنِين”الآية 87 سورة الأنبياء. هذه الإضافة جعلت هذه المعجزة قانونًا عامًّا موجهًا لجميع المومنين وليس فقط للنبي يونس عليه السلام.
وفي قصة نبينا موسى عليه السلام، يتجلى هذا المشهد مرة أخرى، عندما خرج هو وقومه بني إسراءيل، وتبعهم فرعون بجنوده وجبروته، حتى وصلو إلى البحر. فأصبحو محاصرين، البحر من أمامهم وفرعون الطاغية من خلفهم،  المنطق يقول أن إحتمال النجاة في هذه الحالة هو صفر، ويتجلى ذلك في قول بني إسراءيل ” قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ الآية 61, سورة الشعراء، ولكن رد عليهم نبي الله موسى، ردًّا يُنبئ عن ثقته العظيمة بربه وأنه حاشاه أن يتخلى عن عباده المؤمنين في محنتهم “قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ “الآية 62،سورة الشعراء. فهداه الله إلى أن يضرب البحر بعصاه، وشهد الناس معجزة عظيمة وهي انفلاق البحر إلى قسمين، ومر فيه بنو إسراءيل بسلام.
القصة هنا موجهة لكل مبتلى وكل من يواجه مشكلات في حياته الشخصية، الاجتماعية أو العملية، مهما كان نوعها و عظمتها فإنه إذا توجه بقلبه وتضرع إلى الله عز وجل فسيخلصه منها، لأن هذا وعد منه لعباده المؤمنين، وزوال الدنيا بأكملها أهون عند الله من أن لا يوفي وعوده لعباده. ويحضرني بالخصوص أبيات شعرية تقول: 
يا صاحب الهم إن الهم منفرج           أبشر بخير فإن الفارج الله
والشافعي يقول في أبيات أخرى:
ولرب نازلة يضيق لها الفتى             ذرعا وعند الله المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها        فرجت وكنت أظنها لا تفرج

إذن لا ينبغي للمؤمن أن يغتم أو ييأس إذا كان يعرف حق المعرفة أن الله القوي، العظيم معه. إذا توجهت إليه بكل قلبك وجوارحك فلن يردّك، لأن عز وجل لم يأمرنا بالدعاء إلا ليستجيب لنا. 
السابق
طريقة الشناقطة في الحفظ
التالي
درس في العفة ‘سيدنا يوسف عليه السلام’