أعلام و سير

علي بن ابي طالب

من هو علي بن ابي طالب ؟

تعريف علي بن أبي طالب

هو الصحابي علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كِلاب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ابن عمّ النبي -عليه الصلاة والسلام-.أمّا والدة علي فهي فاطمة بنت أسد بن عبد مناف من بني هاشم، بنت عمّ أبي طالب.

كنية علي رضي الله عنه ولقبه

يكنّى علي -رضي الله عنه- بأبي الحسن، وبأبي ترابٍ؛ وهي كُنيةٌ أطلقها عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما وجده راقداً في المسجد وقد أصاب جسده التراب، بعد أن سقط الرداء عنه، فأخذ النبي يمسح التراب عنه، وهو يردّد: (قُمْ أبَا تُرَابٍ، قُمْ أبَا تُرَابٍ).

ولادة علي بن أبي طالب ونشأته

اختلفت الروايات في تحديد السنة التي وُلد فيها علي -رضي الله عنه-؛ فرُوي عن ابن إسحاق أنّه وُلد قبل البعثة بعشر سنواتٍ، وهو ما رجّحه ابن حجر العسقلاني، بينما رُوي عن الحسن البصري أنّه وُلد قبل البعثة بخمس عشرة أو ست عشرة سنةً، ورُوي عن محمد بن علي الباقر قولاً يُوافق قول ابن إسحاق، وقولاً آخراً أنّه وُلد قبل البعثة بخمس سنواتٍ، ونُقل عن الفاكهي أنّ علياً كان أول من وُلد في جوف الكعبة من الهاشميين، وقال الحاكم بتواتر الأخبار في ولادة علي في الكعبة، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- قد تكفّل بعلي بعد أن أصابت قريش في إحدى السنوات أزمةٌ شديدةٌ تضرّر الناس بسببها، وكان أبو طالب كثير الأولاد، فأتاه النبي مع العباس؛ ليكفل كلٌّ منهما أحد أبنائه، فيُخفّفا عنه ضيقه؛ فكَفِلَ العباس جعفر، وكَفِلَ النبي علياً الذي آمن به بعد بعثته.

إقرأ أيضا:القارئ عبدالباسط عبدالصمد

أسرة علي بن أبي طالب

والدا علي بن أبي طالب

والد علي بن أبي طالب: اشتُهر أبو طالب؛ والد علي -رضي الله عنه- بالسيادة والرئاسة في قريش، فكان أحد سادتها، وأبطالها، وعقلائها، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- قد نشأ في بيته حين كان في كفالته ورعايته، كما نصره ودافع عنه بعد بعثته، ووقف سدّاً منيعاً أمام ضغوطات قريش؛ للتخلّي عن النبي، أو تسليمه إليهم، وقد تمنّى النبي هداية عمّه إلى توحيد الله، فجَهِدَ نفسه في حَمْلِه على الإسلام، والنطق بالشهادتين؛ لِما كان يحمله في قلبه من الحبّ الكبير له، إلّا أنّ أبا طالب بقيَ على دينه؛ خشيةً مِن أن تعيّره قريش بتركه دين الآباء والأجداد، وقد توفّي عن اثنين وثمانين عاماً، قبل هجرة النبي إلى المدينة المنوّرة بثلاث سنواتٍ.

والدة علي بن أبي طالب : وهي فاطمة بن أسد -كما تقدّم القول-، مَنّ الله عليها بالهداية إلى توحيده، والإيمان بدعوة النبي، كما أنّها هاجرت إلى المدينة المنورة، وكان النبي يتردّد إلى بيتها، وقد تُوفِّيت في حياته، فصلّى عليها، وألبسها قميصه، ونزل في قبرها، وتولّى أمر دفنها، وأثنى عليها الثناء الحسن.

إخوة علي بن أبي طالب وأخواته

كان لعليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- العديد من الإخوة، أشهرهم ثلاثة، وهم: عَقيل، وطالب، وجعفر، وكان علي أصغرهم، وكانت له أختان، وهما: أم هانىء، وجمانة، وفيما يأتي نبذةٌ عن كلٍّ منهم:

إقرأ أيضا:الامير عبدالقادر

طالب: لم يُؤمن برسالة محمّدٍ، ومات على دينه بعد مشاركته في غزوة بدر، علماً أنّه شارك فيها مُكرَهاً؛ إذ كان يحبّ النبيّ (عليه الصلاة والسلام).

عَقيل: أُسِرَ بيد المسلمين بعد مشاركته في غزوة بدر، وكان قد شارك فيها مُكرَهاً، ففداه عمّه العباس، ثمّ أسلم يوم فتح مكّة في السنة الثامنة للهجرة، وقِيل: يوم الحديبية في السنة السادسة للهجرة، وشارك بعد ذلك مع النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزواته، كغزوة مؤتة، وغزوة حُنين.

جعفر: كان من الصحابة الأجلّاء السابقين في الإسلام؛ حيث هاجر إلى الحبشة مرّتَين، وتزامنت عودته في المرة الثانية مع انتصار المسلمين في غزوة خيبر، وقد أمَّرَه النبيّ على جيش غزوة مؤتة، فأبلى فيها بلاءً حسناً، وقُطِعت يداه، واستُشهِد في مؤتة عن عُمرٍ يناهز الثالثة والثلاثين.

أم هانىء: كان إسلامها يوم فتح مكّة، فدخل النبيّ إلى بيتها، وصلّى صلاة الضحى ثماني ركعاتٍ. جُمانة: وكانت قد أسلمت، وتزوّجت من أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.

جُمانة: وكانت قد أسلمت، وتزوّجت من أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.

إسلام علي بن أبي طالب

ذكر ابن إسحاق أنّ عليّاً بن أبي طالب دخل على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ذات مرّةٍ وهو يُصلّي مع السيّدة خديجة -رضي الله عنها-، فسأله عن ماهيّة تلك العبادة، فبيّن له أنّها من شعائر الدين الذي اصطفاه الله لعباده، وأرسل به رسوله، وعرض عليه الإيمان برسالته؛ بتوحيد الله، والتبرُّؤ من الأصنام، فتردّد علي في القبول، وأراد أن يستشير والده في ذلك، فكَرِه النبيّ انتشار خبر الدعوة قبل أن يُعلنها بنفسه، فخيّر علياً بين الإسلام، أو كتم الأمر وعدم إعلام أحدٍ به، فبات عليّ ليلته تلك يُفكّر في أمر الدعوة حتى وقع الإيمان في قلبه، فغدا إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- طالباً منه أن يُعيد عليه ما دعاه إليه أوّل مرّةٍ، فكرّر عليه النبيّ الشهادتَين، والتبرُّؤ من اللات والعُزّى، فأسلم عليّ، ونطق الشهادتَين، وكتمَ إيمانه؛ خشيةً من أبي طالب.

إقرأ أيضا:الخلفاء الراشدون بالترتيب

كان إسلام عليّ -رضي الله عنه- حين بلغ من العُمر ثماني سنواتٍ كما نُقِل عن عُروة، وقِيل إنّه كان قد بلغ من العمر أربع عشرة سنةً كما روى جرير عن المغيرة، وذكر الحسن بن زيد بن الحسن أنّه كان ابن تسع سنواتٍ حين إسلامِه، وثبت عن ابن عبّاس أنّه كان أوّل الناس إسلاماً؛ حيث كان يكتم إيمانه خوفاً من أبيه، في حين أظهر البعض إسلامه، وأعلنه، كأبي بكر الصدِّيق -رضي الله عنه-.

هجرة علي بن أبي طالب وفداؤه للنبي

ذكر ابن عبّاس -رضي الله عنه- قصّة فداء عليّ للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- حينما أراد المشركون التربُّص به، وقَتله؛ حيث نام علي ليلة الهجرة إلى المدينة في فراش النبيّ- عليه الصلاة والسلام-، فبات المشركون ليلتهم يظّنون أنهّم يحاصرون رسول الله في بيته، إلّا أنّه كان قد سار إلى الغار، فلمّا أصبحوا ثاروا إليه، فتفاجؤوا بوجود عليّ نائماً في فراشه، فسألوه عن النبيّ، فأجابهم بأنّه يجهل مكانه، فتتبّعوا أثر النبيّ بعد ذلك؛ علّهم يجدوه بعد فشلهم في تنفيذ مُخطّطاتهم لقَتله،[٧] ثمّ هاجر عليّ -رضي الله عنه- إلى المدينة بعد هجرة النبيّ إليها بثلاث ليالٍ بعد أن أدّى الأمانات التي كانت لدى الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى أصحابها؛ إذ كلّفه النبيّ بذلك.

جهاد علي بن أبي طالب

شارك عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- في الغزوات جميعها، ولم يتخلّف إلّا عن غزوة تبوك؛ حيث استخلفه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يومئذٍ على المدينة المُنوَّرة، ومن الغزوات التي شارك فيها، وأبلى بلاءً عظيماً:

غزوة بدر: والتي حَمَلَ عليّ -رضي الله عنه- لواء جيش المسلمين فيها، ولم يتجاوز عُمره حينذاك العشرين سنةً.

غزوة أحد: والتي حَمَلَ عليّ -رضي الله عنه- لواء المسلمين فيها بعد استشهاد مُصعب بن عُمير -رضي الله عنه-، كما دافع عن الرسول وثبت معه في نهاية الغزوة، فأُصِيب بستّ عشرة ضربةً، وقد كلّفه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد انتهاء المعركة بتحسُّس خبر قريش، فخرج مُتتبِّعاً أثرهم، وعَلِم أنّهم مُتَّجهون صَوب مكّة.

غزوة حمراء الأسد: كان عليّ -رضي الله عنه- من الذين استجابوا إلى دعوة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد غزوة أحد، وكان حاملاً للواء المسلمين.

غزوة بني النضير: والتي تمكّن عليّ -رضي الله عنه- فيها من قتل عَزْوَكَ؛ أحد زعامات اليهود.

غزوة الخندق: والتي بارز عليّ -رضي الله عنه- فيها عمرو بن عبد ودّ العامري؛ وكان أحد أشهر الفرسان، فتمكّن عليّ من قتله.

غزوة بني قريظة: وقد حمل عليّ راية المسلمين فيها، فكان في مُقدّمة الجيش.

غزوة خيبر: حمل عليٌّ الراية يوم خيبر، وفتح الله على يدَيه حصونها.

غزوة حُنين: والتي ثبتَ عليّ -رضي الله عنه- مع رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فيها حتى نهايتها.

صلح الحديبية: وقد سجّل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- موقفاً إيمانياً عظيماً حينما رفض مَحو عبارة: “محمدٌ رسول الله”، بعد أن اعترض على كتابتها المشركون.

صلح الحديبية: وقد سجّل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- موقفاً إيمانياً عظيماً حينما رفض مَحو عبارة: “محمدٌ رسول الله”، بعد أن اعترض على كتابتها المشركون.

خلافة علي بن أبي طالب

بُويِع لعليّ -رضي الله عنه- بالخلافة في أوائل السنة الخامسة والثلاثين للهجرة؛ حيث أجمع المسلمون مهاجرون وأنصار على اختياره خليفةً للمسلمين؛ لفضله ومكانته، فزانَ الخلافة، وشرَّفَها بقَدره وعدالته، فكانت بيعته بيعة اجتماعٍ ورحمةٍ بالأمّة، وقد تغيّرت عاصمة الخلافة في عهده -رضي الله عنه-؛ بسبب التطوُّرات التي فرضت نفسها في تلك الفترة، فأصبحت الكوفة عاصمة الخلافة، ومحور الأحداث، بينما تحوّلت المدينة المُنوَّرة إلى ولايةٍ يرأسها سهل بن حنيف الأنصاري، ولم تتوسّع الفتوحات الإسلامية في عهد علي -رضي الله عنه-، بينما انتشر الإسلام بقوة في أذربيجان؛ بفضل الأشعث؛ والي الخليفة عليها.

كانت خلافة علي -رضي الله عنه- خلافةً راشدةً كأسلافه؛ إذ استمرّ تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، ومراعاتها كما كان سابقاً، إلّا أنّ اهتمامات الناس في عهد علي -رضي الله عنه- تغيّرت؛ فأصبحوا ينظرون إلى أوضاع الولايات الداخليّة، بعد أن كان جُلّ اهتمامهم مُنصَبّاً على الفتوحات، ومناطق الثغور، وقد سار عليّ بالناس على نَهج عمر بن الخطّاب؛ فتشدّد في مَنح الأُعطيات للولاة؛ بسبب قلّة الفتوحات، واشتدّ على قريش؛ فمنع خروجهم من الجزيرة بعد أن تفرّق الناس في الأمصار.

استشهاد علي بن أبي طالب ومكان دفنه

كان عليّ -رضي الله- عنه يعلم أنه سيموت قتلاً، فقد بشّره النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنه سيُقتل شهيداً فقال: (أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَشْقَى الناسِ رَجلينِ؟ أُحَيْمِرُ ثمودَ الذي عقَرَ الناقَةَ، والذي يضْرِبُكَ يا عَلِيُّ عَلَى هذِه، حتى يَبُلَّ مِنْهَا هذِه)،يعني لِحيتَه، وقد استُشهِد -رضي الله عنه- على يد ابن ملجم، حيث جلس يراقب موضع خروج عليّ -رضي الله عنه-، فلمّا خرج ذات يومٍ يوقظ الناس للصلاة ويقول: “الصلاة الصلاة”، ضربه ابن ملجم بالسيف إلى جانب رأسه، فسال دمه الشريف على لحيته، واستُشهِد عليّ -رضي الله عنه- ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلةٍ مضت من رمضان من السنة الأربعين للهجرة، وكان عُمره ثلاثاً وستّين سنةً، وقِيل بضعٌ وخمسون،وقد اختلف العلماء في مكان دفن علي رضي الله عنه، فقال ابن تيمية وابن سعد وابن خلكان -رحمهم الله- إنه دُفِن في الكوفة وتحديداً بقصر الإمارة، وقال عبد الله العجلي إنه دُفن بالكوفة بمكانٍ غير معلوم، أما الحافظ أبو نعيم فقال إنه دُفن بالكوفة ثم نُقل إلى المدينة المنوّرة بواسطة ابنه الحسن بن علي رحمه الله، وقال إبراهيم الحربي إن مكان قبر علي -رضي الله عنه- غير معلوم.

السابق
عثمان بن عفان
التالي
الطفل قوي الإرادة: 10 طرق عملية لتجنب الصراعات مع طفلك